الأحد، 14 أبريل 2013


اللغة النوبية و امتدادها التاريخي عبر القرون المختلفة

. وقد أرجع الباحثون زمن ظهور اللغة النوبية في وادي النيل إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وكتبت اللغة النوبية في العصر الوسيط وهو العصر الذي يسمى عصر الممالك النوبية وهو الممتد من 500 ميلادية الى 1500 ميلادية. وقد عرفت اللغة النوبية كسائر اللغات الأخري استعمال الحروف الأبجدية في الكتابة والتدوين وذلك على الأقل في فترة تاريخية معينة كما هو ثابت ومؤكد من خلال العديد من المخطوطات والوثائق المحفوظة، وقد كتبت اول ما كتبت بالحروف الهجائية المستلفة من الاغريقية. وبالرغم من أن الكتابة والتدوين بهذه الحروف كانت قد بطلت بعد دخول الإسلام في النوبة حوالي القرن الثالث عشر الميلادي إلا أن اللغة النوبية ظلت باقية كلغة متطورة تتناقلها الأجيال ويستخدمها أهلها في مجريات أمورهم من الميلاد وحتى الممات. ممارسة طقوسهم اليومية وذلك طيلة القرون السبعة الماضية وحتى إلى يومنا هذا.

عايشت اللغة النوبية خلال فتراتها المختلفة العديد من اللغات المختلفة منها ما يشاركها الأصل والنسب ومنها ما يبعد عنها في الأصل (كاللغة المصرية القديمة "القبطية –الهيروغلوفية" ، لغات البجا ، اللغة الرومانية ، اليونانية ، ولغات أخري كثيرة). ولاشك أن كل واحدة منها تركت أثارها على الأخرى مع تفاوت قوة التأثر والتأثير بقوة اللغة وضعفها، وقد استطاعت اللغة النوبية ووسط هذا الكم الهائل من اللغات أن تفرض سيطرتها وان تثبت بقوة أمام تيارات الصراع المختلفة.

وصمود اللغة النوبية أمام هذه التيارات المختلفة دليل على قوتها وثرائها فالعربية مثلاً وهي لغة القران والسنة ورغم سطوتها وجبروتها لم تستطع أن تبيد اللغة النوبية أو تزيلها وان جعلتها تنكمش وتنحصر في منطقة ضيقة من مناطق نفوذها السابقة. وبنفس القدر استطاعت اللغة النوبية أن تترك أثارها الواضحة في عربية السودان فقد غزتها وأشبعتها بمفردات نوبية عديدة ومازال الصراع بين النوبية والعربية مستمراً ومازالت اللغة النوبية تقاوم سطوة اللغة العربية ومحاولة الطغيان عليها.
أما إشارات بعض الدارسين والمتكلمين إلى أن النوبة لهجة وليست لغة فهو أمر ليس بصحيح وذلك ان اللهجة هي: الانحرافي الصوتي عن مستوى صواب اللغة وذلك كاللهجات العربية (العاميات العربية) المتكلمة في كل البلاد العربية مثلاً فهي لهجات منحرفة عن صواب اللغة الأم (اللغة العربية). وعلى ذلك يمكن قياس اللهجات النوبية المتكلمة الآن بأنها انحراف صوتي عن مستوى صواب اللغة الأم (اللغة النوبية) فلا يمكن الحديث عن لهجة أو لهجات دون أن تكون لها لغة أم انحرفت عنها.


وعند الحديث عن اللغة النوبية يجدر بنا الإشارة إلى مراحل تطور اللغة النوبية في شكلها المرصود من خلال الوثائق والمخطوطات وأدب التواتر بعد توقف الكتابة ومن هنا يمكن تقسيم مراحل اللغة النوبية إلى مرحلتين أساسيتين: المقطع هذا من اغنية عديلة
أولهما: هي مرحلة اللغة النوبية القديمة التي تميزت فيها اللغة النوبية مثل كثير من اللغات الأخري بمعرفة الكتابة والتدوين.
وثانيهما : هي مرحلة اللغة النوبية الحديثة التي تميزت بظهور عدة لهجات تفرعت في الأصل عن تلك اللغة الأم الموجودة من المرحلة السابقة.
**ويمكن تقسيم اللغة النوبية الحالية (لغة المرحلة الثاني) لغوياً إلى مجموعتين أو لهجتين: هي لهجة (الكنوز والدناقلة) ، ولهجة (الحلفاوين والمحس والسكوت) وتسمى الفديجا ، ويقسمها البعض إلى أربع لهجات (كنزي ) و(سكوتي) و (محسي) و (دنقلاوي) ومهما يكن من أمر فاللهجات النوبية هي التي يتكلمها الآن الكنوز والسكوت والمحس والدناقلة. ومع هذا التقسيم فان هذه اللهجات متقاربة وليس هناك فروق جوهرية بينها وان كانت الدنقلاوية شديدة الشبه بالكنزية برغم المسافة الواسعة التي تفصل بينهما (اللهجتان المحسية والسكوتية تتوسطانهما) وهو أمر يستحق الدراسة.

وقد كانت اللغة النوبية في إحدى فتراتها لغة الحضارة والأدب والفنون والتراث ولم تكن محصورة في أجزاء ضيقة كما حالها اليوم فانه لما كان النوبيين هم المسيطرون على البقعة الممتدة من أسوان شمالاً وحتى الحدود الجنوبية لمنطقة الجزيرة الحالية وأجزاء واسعة من مديريات كسلا وكردفان ودارفور الحالية انتشرت اللغة النوبية حيث كانت اللغة الرسمية للبلاد كما أنها كانت لغة مكتوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق